بين الفكاهه والسخريه

الثلاثاء فبراير 16, 2010 1:21 pm

بين الفكاهة والسخرية :

يخلط الكثيرون بين الفكاهة والسخرية, لما بينهما من معاني مشتركة وخاصة في أوقات اللهو والمرح, وسويعات السمر والترويج عن النفس.إذ تحملان معا جينات واحدة , ويجري دم الفكاهة في عروق السخرية , ودم السخرية وفي شرايين الفكاهة . وتثيران معاً في نفس المتلقي الكثير من المشاعر والانفعالات التي قد تكون واحدة في أكثر الأحيان , وقد تتخذان أيضا أسلوباً واحداً في التعبير عن الهدف الذي قد يكون للإضحاك فحسب , أو للنقد والتقويم والإصلاح , والتطوير , ولكن بطريقة ملتوية وغير مباشرة.
وهذا ما يفرق بينهما وبين الهجاء الذي يتخذ دائما الأسلوب المباشر للهدف أو النيل من الخصم صراحة .
والفكاهة والسخرية تنبعان من منبع واحد هو : الإضحاك , وتمتزجان معاً كامتزاج رحيقي فاكهتين مختلفتين في إناء واحد , يصعب علينا – بدون مختبر دقيق- أن نحدد موضع كلتيهما في الإناء .

وقد تكون الفكاهةسخرية مُرةً , وموغلةً في الألم عندما تتناول الجانب المتجهم في المجتمع ولكنها تثير الضحك أو الابتسام على أقل تقدير وإن كان ضحكا وابتساما مملوءاً بالمرارة والأسى من الأوضاع المقلوبة.
وإذا كان الدكتور شوقي ضيف يرى" أن السخرية هي أرقي أنواع الفكاهة لما تحتاجه من ذكاء وخفاء ومكر "
فأننا نرى أن الفكاهة هي أرقى أنواع السخرية بل أن كلتيهما وجهان لعملة واحدة .وأن دم كلتيهما يجري في شرايين الأخرى.

ولكن هناك فرق بين الفكاهة والسخرية، فالسخرية في الأدب هو فن ينم عن ألم دفين ويشف عن كرب خفي ، يريد من يلجأ إليه أن يداوي ألمه بالضد ويشفي كربه بالنقيض . ومن هنا كان الألم الذي يشعر به الأديب أو الشاعر ، وعدم قدرته على إلغاء أسباب هذا الألم هو الدافع وراء هذه السخرية التي يصطنعها.
أما الفكاهة نلمح فيها طيب النفس والسرور الذي يكون عليه المفاكِه والمفاكَه ، حتى ليس لهما من همٍّ سوى هذه الفكاهة ، فلا شاغل من همّ يقضيان فيه أيامهما ، ومن هنا كانت الفكاهة في الأدب العربي عامة، والشعر خاصة فن يقصد به "الاستمتاع واللهو البريء " و "الاستجمام والارتياح ولو للحظة " وهكذا نرى أن هناك فرقاً واضحاً بين السخرية والفكاهة ، فعلتهما متضادتان ،وإن كان المظهر في النتيجة واحدة ، فعلة الأولى خارجية اجتماعية ، وعلة الثانية داخلية ذاتية .